مقدمــة
العمل الاجتماعي هو أحد فروع العلوم الاجتماعية التي تتضمن تطبيق النظرية الاجتماعية ومناهج البحث الاجتماعي بهدف دراسة حياة الأفراد والجماعات والمجتمعات وتحسينها. وانطلاقًا من ذلك، فإنه يمكن القول إن العمل الاجتماعي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بباقي فروع العلوم الاجتماعية الأخرى ويتحد معها كوسيلة لتحسين الظروف والأحوال الإنسانية وكذلك من أجل العمل على تغيير استجابة المجتمع للمشكلات المزمنة التي تواجهه ومدى تعامله معها بصورة إيجابية.
و يعتبر العمل الاجتماعي مهنة تهدف إلى السعي وراء إقرار العدالة الاجتماعية وتحسين الظروف الحياتية ودعم كافة السبل والإمكانات التي توفر الرفاهية والرخاء لكل فرد وعائلة وجماعة في المجتمع. كما أنه يسعى جاهدًا في الوقت نفسه إلى التعامل مع القضايا الاجتماعية والتوصل لحلول بشأنها وذلك على كافة مستويات المجتمع، هذا إلى جانب العمل على تطوير الوضع الاقتصادي للمجتمع ككل ولا سيما بين الفقراء والمرضى. ويهتم الأفراد الذين يمارسون العمل الاجتماعي "الإخصائيون الاجتماعيون" بتحديد المشكلات الإجتماعية ومعرفة أسبابها وحلولها ومدى تأثيراتها على أفراد المجتمع. كما أنهم يتعاملون مع الأفراد والأسر والجماعات والمنظمات والمجتمعات
إن الهدف الرئيسى للخدمة الإجتماعية هو تنمية المجتمعات وذلك عن طريق البحث عن القوى و العوامل المختلفة التى تحول دون النمو والتقدم الاجتماعى كما تبحث عن أسباب العلل فى المجتمع لكى تتصدى لها وتكافحها وتنتقى أنسب الوسائل الفعالة فى المجتمع للقضاء عليها أو التقليل من آثارها والأضرار التى تنتج عنها الى أدنى حد ممكن.
مفهوم الخدمة الإجتماعية
الخدمة الاجتماعية Civil service أحد المصطلحات الاجتماعية الحديثة، أُدخل في بدايات القرن العشرين. وقد عرّفته ماري ريتشوند عام 1915 )بالمهارة العلمية للقيام بأشياء مختلفة لصالح أشخاص، وبالتعاون معهم للارتقاء بأحوالهم وبظروف مجتمعهم في آن واحد). وصار مفهوم الخدمة الاجتماعية فيما بعد "1922" يعني ( العمليات العلمية التي تنمي الشخصية من خلال عمليات التكيف لكل فرد على حدة، بين الأشخاص وبيئتهم الاجتماعية ).
و الخدمة الاجتماعية تعتبر إحدى المهن التي تهدف إلى مساعدة الناس و تقديم الخدمات الاجتماعية لهم بهدف أن يقوموا بأدوارهم و وظائفهم بشكل أفضل ، و هناك العديد من التعريفات لهذه المهنة ، و أنه لا يوجد اتفاق على تعريف موحد للخدمة الاجتماعية ، و قد يرجع ذلك إلى حداثة المهنة و تطورها السريع ، بالإضافة إلى أن كل مؤلف ينظر إليها من منظور معين أو يذكر على جانب معين أو أهداف معينة في الخدمة الاجتماعية .
1- تعريف والتر فريدلاندر :
نوع من الخدمات المهنية تعتمد على قاعدة علمية من المعارف و المهارات العديدة في ميدان العلاقات الإنسانية ، و هي تهدف إلى مساعدة الأفراد و الجماعات للوصول إلى مستوى من التوافق و النهج و الاعتماد على النفس .
نوع من الخدمات المهنية تعتمد على قاعدة علمية من المعارف و المهارات العديدة في ميدان العلاقات الإنسانية ، و هي تهدف إلى مساعدة الأفراد و الجماعات للوصول إلى مستوى من التوافق و النهج و الاعتماد على النفس .
2- تعريف ماكس سيبرون :
طريقة اجتماعية تهدف إلى مساعدة الناس على علاج مشكلاتهم الاجتماعية و الوقاية منها و تدعيم أوانهم لوظائفهم الاجتماعية .
طريقة اجتماعية تهدف إلى مساعدة الناس على علاج مشكلاتهم الاجتماعية و الوقاية منها و تدعيم أوانهم لوظائفهم الاجتماعية .
3- عبدالفتاح عثمان :
خدمة إنسانية فنية تستهدف مساعدة الناس أفراداً و جماعات لتحقيق علاقات إيجابية بينهم و مستوى أفضل من الحياة في حدود قدراتهم و رغباتهم .
خدمة إنسانية فنية تستهدف مساعدة الناس أفراداً و جماعات لتحقيق علاقات إيجابية بينهم و مستوى أفضل من الحياة في حدود قدراتهم و رغباتهم .
تاريخ الخدمة الإجتماعية
تعد مهنة الخدمة الاجتماعية مهنة حديثة نسبيا ولو أن أصولها الأولى ترجع إلى الدوافع الدينية الإنسانية التي استهدفت مساعدة الضعفاء والمحتاجين والأخذ بهم من اجل تخطى الصعاب في سبيل الحصول على الحاجات الأساسية عبر الكتب السماوية .كما أنها وجدت أيام الرومان والإغريق وبالطبع لو تكن تؤدى وقتذاك بالطريقة العلمية المدروسة او تخضع لخطة العمل الاجتماعي المنظم بل كان يقوم بها أفراد متطوعون لهذا العمل بدافع إنساني كا لمشاركة في تقديم المساعدات لجرحى الحروب وأسرهم.
ومن ثم شهدت الخدمة الاجتماعية في العقود الأخير من القرن العشرين حركة نشطة تستهدف المراجعة الشاملة للتوجهات الأساسية في النظرية والممارسة وذلك في ضوء المتغيرات السريعة المتلاحقة التى يمر بها المجتمع الإنساني المعاصر وانعكاساتها على البناء الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية .هذه العملية بدأت منذ الستينات في بعض الدول الصناعية الغربية والتى كانت مهدا لنشأة الخدمة الاجتماعية بمفهومها الحديث،إلا أن هذه العملية لم تقتصر على المجتمعات الغربية في أوربا وأمريكا ولكنها عرفت طريقها إلى كثير من دول العالم الثالث والتى أقبلت على الخدمة الاجتماعية بصورتها الغربية لعل فيها مخرجا من الضغوط الاجتماعية المتزايدة او تنفيسا للمعاناة التى يعيشها الناس في تلك الدول .
ونظرا للوثبة العلمية والتكنولوجية المذهلة التي حققت درجات متفاوتة من الرفاهية المادية إلا إنها لم تحقق الرفاهية الاجتماعية بنفس الدرجة اذبدأت الحياة الاجتماعية تزداد تعقيدا وصعوبة حيث انتشرت الأمراض الاجتماعية كإفراز طبيعي لهذه الفترة مثل التفكك الأسري ،والكوارث الاقتصادية والمعضلات التي تدفع الكثير من الأفراد التي الخروج على القانون وما يترتب على ذلك من نتائج سيئة ،كارتكاب الجرائم والانحراف الأخلاقي وماله من اثر مدمر على زيادة نسبة العوز لدى الكثير من أفراد المجتمع ،مما دفع المصلحين الاجتماعين للتدخل بصورة فعلية كإنشاء دور للعاجزين ودور أخرى للأحداث الذين هم كبش الفداء لتكنولوجيا العصر .
ومن هنا بدأت تتحدد معالم هذه المهنة الحديثة .وبعد ذلك تطورت الخدمة الاجتماعية إلى أن أصبحت تؤدى بوساطة أشخاص أعدو أعدادا علميا سليما ،يقوم على أسس ومبادى نظرية وعلمية.ومن خلال هذه المبادي ، ترجمت الخدمة الاجتماعية إلى واقع ميداني في مختلف ميادين الحياة الاجتماعية حيث أنشئت الكليات والمعاهد العلمية المتخصصة في تخريج وإعداد أرباب هذه المهنة وهم الأخصائيون الاجتماعيون وذلك طبقا لقواعد أسس علمية حديثة تتفق مع طبيعة المجتمعات المتطورة.
الهدف من الخدمة الإجتماعية
الخدمة الاجتماعية هدفها الرئيسى تنمية المجتمعات وذلك عن طريق البحث عن القوى و العوامل المختلفة التى تحول دون النمو والتقدم الاجتماعى مثل الحرمان والبطالة والمرض والظروف المعيشية السيئة التى تخرج من نطاق قدرة الافراد الذين يعانون منها والتى تعمل على شقائهم كما تبحثث عن أسباب العلل فى المجتمع لكى تتصدى وتكافح هذه الاسباب وتنتق أنسب الوسائل الفعاله فى المجتمع للقضاء عليها او التقليل من أثارها والاضرار التى تنتج عنها إلى ادنى حد ممكن . فلسفة الخدمة الاجتماعية فى مفهومها فلسفة اجتماعية أخلاقية وذلك أن جذور فلسفة الخدمة الإجتماعية تتصل وترتبط بالدين والنزعة الإنسانية فالخدمة الإجتماعية تستمد فلسفتها من الأديان السماوية والحركات الإنسانية والعلوم الاجتماعية والطبيعية والخبرات العلمية للأخصائيين الإجتماعيين لذلك يمكن القول ان فلسفة الخدمة الإجتماعية سبق ظهورها المهنه من قديم الازل .
تعتمد فلسفة الخدمة الاجتماعية على الركائز الاساسية الآتية :
- الإيمان بقيمة الفرد وكرامته .
- الإيمان بالفروق الفردية سواء بين الافراد او المجتمعات او الجماعات .
- الإيمان بحق الفرد بممارسة حريته فى حدود القيم المجتمعية.
- حق الفرد فى تقرير مصيره مع عدم الإضرار بحقوق الغير.
- تؤمن الخدمة الإجتماعية بالعدالة الإجتماعية بين جنس وآخر أو بين ديانة وأخرى.
- تؤمن بالحب والتسامح .
- تؤمن أن الإنسان هو الطاقة الفريدة فى إحداث التغير الإجتماعى ومن أجل رفاهيته مع المساعدة على تأدية الأدوار الإجتماعية المتوقعة منه.
- غرس القيم الإجتماعية كالعدالة والأمن واحترام العمل واحترام الوقت كقيم إيجابية لدفع عجلة التنمية.
- منع المشكلات المرتبطة بالإدمان والجريمة والتوعية الخاصة بهما.
- زيادة حجم الطاقه المنتجة فى المجتمع وذلك نتيجة عودة المتكاسلين والمنحرفين إلى العمل و الانتاج .
- تجنب المجتمع الاعباء الإقتصادية والإجتماعية المستقبلية وتدعيم التضامن والتكامل الاجتماعى.
- المساهمة فى تنمية الموارد البشرية.
- الاكتشاف المبكر للأمراض الاجتماعية ومظاهر التفكك من خلال الدراسة والتحليل و الوصول للأسباب ومناطق الخلل وأنسب الحلول والنتائج.
للخدمة الإجتماعية وظائف منها ليس على سبيل الحصر:
- الوظيفه العلاجية وتمكين الفرد والجماعات من الحلول المناسبة لمشاكلهم مثل ذوى الاحتياجات الخاصة.
- الوظيفه التنموية وهى زيادة المعرفة بمقدار الامكانات والموارد والقيم الاجتماعيه بين الجماعات.
- الوظيفه الوقائية أى الوقاية من الوقوع فى المشكلات والعلاقات والممارسات السلوكية الخاطئة.
- مبدء تقبل الأفراد و الجماعات كما هم ﻻ كما يجب أن يكونوا .
- حق تقرير المصير طالما ﻻ يعترض مع الغير والإيمان بكرامة الفرد وتقديره .
- مبدأ الجهود الذاتية أى مساعدة الفرد وحل مشاكله وكذلك المجتمعات.
- الموضوعية وعدم الإنحياز .
- مبدأ تقويم الذات المستمر بجدول زمنى والمراجعة على ما تم من إنجاز أو تأخر .
مجالات الخدمة الإجتماعية :
تلعب الخدمة الاجتماعية دورا هاما في النهوض بالمجتمع الإنساني عن طريق حل المشكلات الاجتماعية والتخفيف من حدة المشكلات .تظهر أهمية هذه الدور كلما اتسع نطاق المجتمع وتعرض لتيار التغير الاجتماعي ،وتبعا لتطور المجتمع وتعدد مظاهر النشاط الإنساني فيه تظهر أهمية الخدمة الاجتماعية وبالتالي تعددت ميادينها ومنها :
- الخدمة الاجتماعية في المجال الأسرى :
وتهتم بالعلاقات الاجتماعية في محيط الأسرة والمحافظة على سلامة وإيجابية العلاقات وتتصل الخدمة الاجتماعية في هذه المجال بالاضطرابات الأسرية وبمشكلات التفكك الأسرى والعمل على حلها.
الخدمة الاجتماعية فى المجال المدرسي تلعب دورا هاما وكبيرا في مساعدة المدرسة على أداء رسالتها التربوية والتعليمية ولها دور في عمليات التكيف الاجتماعي التى تتم مع البيئة المدرسية الجديدة .وتؤدى إلى زيادة وتحسين مستوي الإنتاج الفردي او الجماعي الذي يدعم التلاميذ في حياتهم المدرسية .
- الخدمة الاجتماعية في المجال الطبي :إذ تعتبر من أهم ألوان الرعاية والخدمة الاجتماعية ،باعتبار أن الصحة الجسمية والنفسية أغلى شئ في الوجود بالنسبة للأفراد وأعظم مجال لحفظ كيان المجتمع وذلك بالقضاء على المشكلات وتحقيق الرفاهية.
- الخدمة الاجتماعية في مجال الأحداث :وتشمل خدمات المراقبة الاجتماعية للأحداث والمنحرفين والذين من خلال خدمة الفرد وخدمة الجماعة كذلك الرعاية اللاحقة للأحداث والمنحرفين والمدمنين والمفرج عنهم.
- المساعدات العامة :أي الخدمات الاجتماعية للأشخاص الذين يقعون تحت وطأة الحاجة المالية والتى تقدم للمسنين المكفوفين ومساعدات العجز الكلى والأطفال والأيتام من خلال الضمان الاجتماعي .
- التأمين الاجتماعي :
وهو عبارة عن المساعدات التى تختص التأمينات الاجتماعية للعاملين أسرهم بسبب حوادث العمل او الوفاة .كما تعمل الخدمة الاجتماعية على استثمار وقت الفراغ للشباب في داخل الأندية الرياضية.
- خدمات المجتمع :
وتشمل جهود الهيئات العاملة بالتخطيط وتمويل برامج الرعاية الاجتماعية في كل المجالات التي يكون فيها الفرد هو أداة العمل الأساسية.
نماذج تطبيقية للخدمة الإجتماعية :
الخدمة الاجتماعية في مجال الأسرة
تعد المشكلات الاجتماعية للأسر واحدة من المشكلات الواسعة الانتشار في البلدان والمجتمعات المتخلفة، وغالباً ما تأخذ هذه المشكلات أشكالاً متنوعة باختلاف ظروف المجتمعات ومستويات نموها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ففي البلدان ذات المستوى المعيشي المنخفض، نجد مشكلات الفقر والمرض والبطالة التي تهدد ظروف المعيشة ضمن الأسرة الواحدة، وغالباً ما يؤدي ذلك إلى نشوء جمعيات ومؤسسات اجتماعية لتقديم خدماتها للأسر الفقيرة وتقديم يد العون اللازم لها بتوفير بعض المعونات المادية والمعنوية لتمكن أرباب الأسر من توفير الظروف المناسبة لمعيشة الأبناء.
خدمة الجماعات الإنسانية
تعد الجماعات المختلفة إطاراً أساسياً من الأطر التي تحيط بالإنسان، وهي تتجاوز حدود الأسرة الواحدة لتشمل أماكن وجود الفرد الواحد خارج أسرته، كأماكن العمل وأماكن شغل وقت الفراغ وغيرها من الأماكن الهامة التي يمكن أن تتشكل فيها الجماعات الإنسانية على اختلافها. وهي تتنوع بتنوع خصائص الأفراد الذاتية والاجتماعية والموضوعية، فأماكن وجود الطفل تختلف عن أماكن وجود الشاب، والأماكن التي يوجد فيها الشاب تختلف عن الأماكن التي يوجد فيها كبار السن. ويمكن أن نميز في هذا السياق بين جماعات الرفاق وجماعات اللعب وجماعات الشباب وجماعات كبار السن والجماعات الثانوية في مؤسسات العمل والجماعات الرسمية، وغيرها.
غير أن مفهوم الخدمة في مجال رعاية الجماعة وتوجيهها أخذ يتطور إلى درجة ظهور مؤسسات تنظيمية تأخذ على عاتقها رعاية مصالح الجماعة والاهتمام بقضايا أفرادها، وحل مشكلاتهم، وأوضح مثال يمكن أن يذكر في هذا المجال اتحادات الشباب والطلبة والنساء والرياضيين وتنظيمات رعاية المسنين ورعاية المعوقين،وغيرهم الكثير.
الخدمة الاجتماعية في ميدان الريف والتعاونيات الزراعية
يتعرض الكثير من سكان الأرياف لمشكلات مادية وإنتاجية عدة تظهر أحياناً مع اختلاف ظروف المناخ، أو تعرض الإنتاج لآفة زراعية لا يستطيع الفلاح التخلص منها، الأمر الذي قد يسبب له نقصاً في موارد دخله الأساسية، وعجزاً في تلبية حاجاته المادية والمعنوية. ويسهم ذلك في ظهور الحاجة الماسة لتقديم الخدمات الاجتماعية للفلاحين المتضررين من سوء الأوضاع الإنتاجية، سعياً وراء توفير الظروف المناسبة للحياة أمامهم، وأمام أسرهم وأطفالهم.
وبتحليل مجموعة من التعاونيات التي أخذت تظهر وتنمو في الأرياف، يتبين أن الخدمات الاجتماعية أصبحت تتجاوز الفهم التقليدي الذي كان سائداً في المراحل السابقة، وأن عمل الاختصاصي الاجتماعي يمكن أن يمتد إلى تحليل معظم النشاطات القائمة في المجتمع الريفي. وقد لوحظ أن التعاونيات الزراعية التي أخذت تنتشر في الريف تتوزع في أنواع عدة، منها على سبيل المثال، الجمعيات التعاونية للاستغلال الزراعي، والجمعيات التعاونية للتسليف، والجمعيات التعاونية لتحويل المنتوجات إلى سلع مصنوعة. ومن شأن جميع هذه النشاطات أن تحسن واقع الفلاح، وترفع من مستوى إنتاجيته، وترقى به إلى المستوى اللائق.
الخدمات الاجتماعية في ميدان الصناعة، والخدمات العمالية
يقترب الواقع الاجتماعي للعمال في المصانع من واقع الفلاحين في الأرياف، وخاصة في المجتمعات التي لا تولي اهتمامها بشؤون الطبقات والفئات السكانية الفقيرة والمتدنية في مستويات معيشتها، فقد تصبح حياة العامل، وهو في المصنع أكثر سوءاً من حياة الفلاح في الريف، الأمر الذي يسوغ أيضاً نشوء ما يسمى بالخدمات العمالية، بغية العمل على تحسين واقع العمال، والرقي بمستويات معيشتهم إلى المستويات الأفضل.
وفي هذا السياق يميز الباحثون في مجال الخدمات العمالية بين أنواع متعددة لخدمات العمال، ومن ذلك مثلاً، ما جاء في المؤتمر الدولي لتنظيم الخدمات الاجتماعية عام 1947، من أن هذا المجال يشمل توفير المقاصف وأماكن الراحة ووسائلها والمنشآت الصحية والخدمات الطبية، وتسهيل وسائل الانتقال، وكل ما من شأنه أن يؤدي إلى تحسين واقع العمال.
لقد أصبح مفهوم الخدمة الاجتماعية في مجال العمل إطاراً يتجاوز تقديم الخدمات الاجتماعية المحدودة للعاملين، التي تقترن بزيادة الأجور أو توفير وسائط النقل، أو تقديم الخدمات الصحية، ليصبح من مهمة نقابات العمال المشاركة في الإدارة والتخطيط واتخاذ القرار، وهي أمور تتعدى أيضاً إمكانات الأفراد، وتتطلب مزيداً من التنظيم والعمل الجماعي المتكامل.
الخدمات الاجتماعية للمعوقين
يعد الاهتمام بواقع المعوقين جسدياً وعقلياً واحداً من ميادين الخدمة الاجتماعية التي تهتم بواقع الأفراد غير القادرين على تأدية أعمالهم بالصورة المطلوبة، وهم بحاجة إلى مساعدة الآخرين لتلبية احتياجاتهم الأساسية، ولتحقيق مستوى أفضل من التكيف الاجتماعي، لتجعلهم أكثر قدرة على الاستقلال، واعتماداً على أنفسهم.
غير أن هذا التصور للمعوقين جسدياً لم يكن في السابق كما هو عليه اليوم، فقد سبق أن اتخذت المجتمعات الإنسانية مواقف مختلفة من الإعاقة، إذ نجد مواقف العداء غير المباشر تارة، ومواقف التعاطف الإنساني تارة أخرى، فقد كانت الديانات القديمة أو بعضها على الأقل تنظر إلى الإعاقة على أنها ذنب أو خطيئة ارتكبها المعوق في دور حياتي سابق، وما مظاهر العجز التي يتصف بها إلا شكل من أشكال العقاب الإلهي التي يستحقها. ويأتي هذا التصور منسجماً مع العقائد القديمة التي توارثتها الأمم جيلاً بعد آخر، والتي تؤمن بتناسخ الأرواح، أو تقمصها.
ومع ظهور الديانات السماوية التي تؤمن بعقيدة التوحيد، أخذ الموقف المذكور من المعوق بالتراجع، بحكم اختلاف الديانات السماوية عن الديانات السابقة، التي عرفها الإنسان في الماضي، في نظرتها إلى مسائل الثواب والعقاب، فهي غير قابلة للتحديد أو الحصر، وأن عدالة الله في أرضه تفوق إمكانية تحديدها في هذه الصورة أو تلك، الأمر الذي لا يجيز التعامل مع المعوق استناداً إلى تصورات مسبقة قائمة على تقديرات ذاتية لا أساس لها من الصحة. وبناء على ذلك فإن التعامل مع المعوق يستند إلى نظرات إنسانية وأخلاقية تقضي تقديم المساعدات له ليتجاوز عثراته. وأن كل فرد من أفراد المجتمع معّرض في ظروف حياته، لأن يصبح معوقاً إذا ما توافرت عواملها من دون إرادة منه، كإصابته بحوادث لا يستطيع تجنبها. فالعامل الإنساني القائم على الواجب والأخلاق الحميدة هو الباعث على هذا الموقف .
أما في الوقت الحالي، فإن الأمر أصبح له مظهر آخر، فالباعث على التفاعل مع المعوقين وتقديم المساعدة لهم لا يقف عند حدود الدافع الإنساني والأخلاقي، إنما هو توفير الظروف التي تجعل من هؤلاء مشاركين في النشاطات الاجتماعية والإنتاجية المختلفة، وقادرين على أداء الأعمال التي يؤديها غيرهم تمام الأداء.
الخدمة الاجتماعية بين خدمة الجماعة وخدمة الفرد
إن الخدمة الاجتماعية واحدة من المجالات التطبيقية التي تهم الاختصاصي الاجتماعي في مجالات عمله المتنوعة، داخل المؤسسات وخارجها على حد سواء، وفي التجمعات السكانية المختلفة في حجومها ومستويات تطورها الاجتماعي. ويتجلى عمل الاختصاصي في الخدمة الاجتماعية بمظهرين أساسيين، هما خدمة الفرد، وخدمة الجماعة، وأياً منهما لا يعد اختصاصاً قائماً بحد ذاته، أو منفصلاً عن الآخر، ويقتضي الأمر لدى الاختصاصي الاجتماعي أن يمارس دوره ضمن كل فئة من الفئات التي يعمل في إطارها تبعاً لظروف الواقع وحاجاته. فقد يتطلب الأمر منه أن يؤدي عمله في نطاق خدمة الفرد عندما يتصدى لمعالجة المشكلات الفردية في نطاق عمله، وهو في الوقت ذاته يؤدي عملاً آخر في نطاق الجماعة عندما يأخذ على عاتقه معالجة مشكلات ذات طابع جماعي.
وفي مجال عمل الباحث ضمن المؤسسات التعليمية، على سبيل المثال، تظهر أمام الاختصاصي الاجتماعي مجموعة من المشكلات في وقت واحد، وعليه أن يتصدى لها ويتعامل معها بأساليب مختلفة، فقد يشعر بضعف التحصيل الدراسي لتلميذ يتمتع بمستوى عال من الذكاء، وتنتشر في الوقت نفسه ظاهرة التدخين بين تلاميذ الصف، أو بين بعضهم، في هذه الحالة يأخذ الاختصاصي بمعالجة التلميذ الأول وفق معايير خدمة الفرد، ويأخذ بمعالجة المشكلة الثانية وفق معايير خدمة الجماعة، ويستفيد من القواعد التي تتيحها خدمة الجماعات من دون أن يكون عمله مع الظاهرة الأولى على حساب الظاهرة الثانية، ولا تعامله مع الظاهرة الثانية على حساب الأولى.
ويندرج الأمر على عمل الاختصاصي الاجتماعي في المؤسسات الأخرى العمالية منها والفلاحية، وبين مجموعات الحي، وغير ذلك من المواقع التي تقتضي وجوده.
إسهامات الأخصائي الإجتماعي في العمل الإجتماعي
يوجد ثلاثة أنواع أو مستويات عامة تتعلق بطبيعة الممارسة العامة للعمل الاجتماعي سنوردها فيما يلي. يتمثل المستوى الأول في مستوى الوحدات الكبرى للممارسة العامة للعمل الاجتماعي حيث يتضمن التعامل من منظور شامل مع المجتمع أو المجتمعات ككل. ويشتمل هذا المستوى الذي نحن بصدده على وضع السياسة الاجتماعية التي تهدف إلى الدفاع عن الحقوق على المستوى القومي أو الدولي. أما المستوى الثاني، فيوصف بأنه مستوى الوحدات المتوسطة للممارسة العامة في العمل الاجتماعي. ويتضمن هذا المستوى العمل مع الهيئات والمنظمات الصغيرة والجماعات الأخرى الصغيرة. ويشمل هذا المستوى من الممارسة العامة وضع السياسات في إطار هيئة ما مختصة بالعمل الاجتماعي وتقديم الخدمات الاجتماعية أو تطوير وتفعيل البرامج الخاصة بأحد المجتمعات المجاورة. أما المستوى الثالث والأخير فهو مستوى الوحدات الصغرى للممارسة العامة والذي يتضمن تقديم الخدمات للأفراد والعائلات.
وهناك العديد من الأنشطة التي تتم ممارستها على نطاق واسع، ومن أهمها الأنشطة الممثلة للعمل الاجتماعي، حيث يعمل الإخصائيون الاجتماعيون مع أنساق متعددة في معظم البيئات المختلفة. وعلى وجه العموم، فإن الإخصائيين الاجتماعيين الذين يزاولون عملهم في مجال الممارسة الإكلينيكية أو المباشرة للخدمة الاجتماعية يعملون وفقًا لمستوى الوحدات الصغرى للعمل الاجتماعي. أما الإخصائيون الاجتماعيون الذين يعملون في مجال الممارسة العامة، فإنهم بذلك يعملون وفقًا لمستوى الوحدات المتوسطة أو الكبرى للعمل الاجتماعي.
المراجع
- الخدمة الإجتماعية وحقوق الإنسان / خليل عبدالمقصود عبدالحميد / جامعة القاهرة.
- العمل مع الجماعات وتطبيقاتها فى الخدمة الإجتماعية / نصيف فهمى منقريوس وآخرون / كلية الخدمة الإجتماعية / جامعة حلوان / القاهرة / 2003.
- خدمة الجماعة / ابراهيم بيومى مرعى / كلية الخدمة الإجتماعية / جامعة حلوان / القاهرة / 2005.
- علم النفس التربوى / فؤاد أبو حطب ، آمال صالح / مكتبة الأنجلو / القاهرة / 1997.
- مفاهيم الخدمة الإجتماعية فى مجالات الممارسة المهنية / زينب معوض الباهى / مكتبة الرائد /القاهرة / 2005.
الفهرس
الموضـــــــــــــــــــــوع
|
رقم الصفحة
|
مقدمــــــــــــــــــة
|
2
|
مفهوم الخدمة الإجتماعية
|
3
|
تاريخ الخدمة الإجتماعية
|
4
|
الهدف من الخدمة الإجتماعية
|
5
|
فلسفة الخدمة الإجتماعية
|
5
|
أهداف الخدمة الإجتماعية
|
6
|
أدوار الخدمة الإجتماعية
|
6
|
مجالات الخدمة الإجتماعية
|
7
|
نماذج تطبيقية للخدمة الإجتماعية
|
9
|
إسهامات الأخصائى الإجتماعى فى العمل الإجتماعى
|
13
|
المراجع
|
14
|
الفهرس
|
15
|
0 التعليقات
تفضل بإبداء رأيك وإضافة تعليق ويرجى إتباع الإرشادات التالية
لكي يتم إرسال التعليق بشكل صحيح يرجى تحديد ملف التعريف وذلك بالضغط على السهم
الموجود أمام كلمة (التعليق بإسم) وإختيار أحد الخيارات الموجودة وإذا لم تكن تمتك أحدهم
فيمكنك التعليق بإختيار أحد الخيارين الأخيرين (الإسم وعنوان url) أو (مجهول)
وتذكر
ما مـن كاتب إلا سيفـنى ** ويبقي الدهر ما كتبت يداهُ
فلا تكتب بكفك غير شئ ** يسرّك في القيامة أن تراه